اكادير..اعتماد سقي المساحات الخضراء بالمياه العادمة المصفاة لمواجهة الإجهاد المائي
في سياق يتسم بوضعية مناخية حرجة واجهاد مائي يشكل قلقا متزايدا بجهة سوس ماسة، التي تعتبر الفلاحة فيها كأول قطاع اقتصادي مستهلك للماء، الأمر الذي يضع هذه الجهة في تحدي وبحث مستمر لإيجاد مورد مائي دائم وبديل يوقف الاستنزاف والضغط على الموارد المائية الطبيعية خصوصا في أكادير الكبير الذي يعاني هو الآخر من نقص في التساقطات المطرية وتوالي سنوات الجفاف.
وأمام هذا الضغط المرتفع على الموارد المائية الذي أدى إلى تناقصها واجهادها مع تزايد الطلب على المنتجات الفلاحية على الخصوص، هناك ارتفاع في نسبة المياه العادمة أومياه الصرف الصحي الناتجة عن ازدياد الاستهلاك اليومي للساكنة.
ومن هنا جاءت فكرة إعادة استعمال المياه العادمة المصفاة (استصلاح المياه) في سقي المساحات الخضراء كحل بديل ومورد مائي دائم وصديق للبيئة، مع تكلفة مادية تعتبر ضئيلة أمام الأذى البيئي والصحي الذي ستلحقه إن تم التخلص منها أو طرحها في الطبيعة دون معالجة.
وفي هذا الصدد، لجأت الوكالة المستقلة المتعددة الخدمات لأكادير، باعتبارها فاعل أساسي في توزيع المياه وتدبير قطاع التطهير السائل، باستثمارات مهمة في مجال تجميع وتحويل ثم معالجة المياه العادمة لأكادير الكبير قصد استعمالها لغرض سقي المساحات الخضراء وملاعب الكولف، وبالتالي الحفاظ على التوازن المائي للمدينة.
ومنذ سنة 2010، تتوفر محطة “المزار” على قدرة إنتاجية تصل إلى 11 مليون متر مكعب من المياه المصفاة (بعد التوسعة سنة 2026 ستصل القدرة الإنتاجية إلى 24 مليون متر مكعب)، لسقي المساحات الخضراء وملاعب الكولف بأكادير الكبير والتي ستمكن من سقي 1050 هكتارا، علما أن توزيع هذه المياه المصفاة سيتم عبر أربع بنيات تحتية.
ويتعلق الأمر، بمحطة المعالجة الثلاثية بسعة 30 ألف متر مكعب في اليوم، وثلاث خزانات بسعة إجمالية قدرها 13 ألف متر مكعب، إضافة إلى شبكة ضخ وتوزيع المياه بطول 87 كلم (أنجزت منها 84 كلم)، ثم محطة ضخ بسعة 245 لتر/الثانية و 195 لتر/ الثانية.
ويعتبر مشروع إعادة استعمال المياه المصفاة الممول بمبلغ 150 مليون درهم، ثمرة شراكة تمت سنة 2018 بين وزارة الداخلية (40 مليون درهم)، كتابة الدولة المكلفة بالماء (40 مليون درهم)، والوكالة المستقلة المتعددة الخدمات لأكادير (70 مليون درهم)، حيث تم إنجاز أكثر من 90 في المائة من هذا المبلغ لحد اليوم.
ومن خلال هذه البنيات التحتية، تمكنت الوكالة من تزويد خمسة ملاعب للكولف بمساحة 450 هكتار بسعة يومية قد تصل إلى حوالي 16 ألف متر مكعب في اليوم، علما أن البنيات التحتية المتعلقة بسقي المساحات الخضراء (التي تصل إلى 600 هكتار) قد تم إنجازها بأكثر من 90 بالمائة.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أشار رئيس قسم البيئة وجودة المياه بالوكالة المستقلة المتعددة الخدمات لأكادير، نبيل لغزاوي، إلى أن مشروع إعادة استخدام المياه العادمة المصفاة لسقي المساحات الخضراء، يندرج في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الإدارة الرشيدة للموارد المائية في ضوء الاجهاد المائي الذي تعيشه جهة سوس ماسة خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف أن مصالح الوكالة تعمل جاهدة بأكادير الكببر بصفة خاصة من أجل ترشيد استعمال المياه وتأمين التزود بهذه المادة الحيوية تطبيقا للتوجيهات الملكية السامية التي تعطي اهتماما خاصا لهذا الموضوع.
وأكد أنه من خلال هذا النوع من المشاريع البيئية، تواصل الوكالة تحركاتها، في كافة الاتجاهات، للتخفيف من تأثير نقص المياه، واعتماد المياه المصفاة كحل بديل وتقييد استخدام مياه الشرب ومياه الآبار لسقي المساحات الخضراء.
من جهة أخرى، تم على مستوى جهة سوس ماسة، إطلاق مجموعة من المشاريع المتعلقة بتدبير المياه، بما في ذلك توسعة محطة تحلية مياه البحر باشتوكة والتي تساهم حاليا في تلبية حوالي 65 في المائة من الحاجيات من الماء الصالح للشرب، حيث ستمكن هذه التوسعة من انتاج 48 مليون متر مكعب في السنة إضافية، منها 18 مليون متر مكعب في السنة، مخصصة للماء الصالح للشرب.
كما تمت برمجة محطة تحلية جديدة بشاطئ تزنيت بقدرة إنتاجية تبلغ 70.4 مليون متر مكعب في السنة، منها 10.4 مليون متر مكعب في السنة، للماء الصالح للشرب والباقي لتثمين سهل رسموكة والمعدر، إذ أن الدراسات التقنية جد متقدمة وسيتم انجاز هذه المحطة على ثلاثة مراحل بغلاف مالي يقدر ب 2.7 مليار درهم.
وفي نفس السياق، تتم كذلك مواصلة انجاز سدين كبيرين بحوض سوس ماسة، ويتعلق الأمر بكل من سد تامري بحقينة تبلغ 204 مليون متر مكعب في السنة، وتعلية سد المختار السوسي بحقينة 281 مليون متر مكعب ، بغلاف استثماري إجمالي يقدر ب 4.4 مليار درهم.
ويبقى استثمار واستغلال المياه العادمة بعد معالجتها وتنقيتها في السقي كخطوة أولى، حلا دائما وبديلا عن طرحها في الطبيعة لما لذلك من مخاطر بيئية وصحية، كما يمكن توجيه استخدامها أيضا لتلبية بعض احتياجات السكان المنزلية والأعمال التجارية والصناعية وغيرها.
وبدأ اهتمام المغرب باحتواء الانعكاسات الصحية والبيئية والاقتصادية للمياه العادمة منذ سنة 2005، عبر برنامج تقوده الوزارة الوصية على قطاع البيئة، بشراكة مع وزارة الداخلية.