الباحث الموسيقي عبد الله رمضون يرصد في كتاب خاص رحلة الة العود و موسيقاها من المشرق نحو المغرب
بقلم سمير السباعي
يشكل التأليف الموسيقي في المغرب مدخلا مهما لفهم و رصد عدد من الظواهر الفنية المتعددة داخل عالم الموسيقى بأجناسها و ايقاعاتها و تمثلاتها المتنوعة. ضمن هذا السياق عمل الموسيقي ذ.عبد الله رمضون على انجاز مؤلف موسوم بعنوان”رحلة العود من المشرق الى المغرب”، حيث عمل صاحب هذا الكتاب على مقاربة جوانب مهمة من موسيقى هذه الالة ان على مستوى تاريخية ظهورها في الشرق الاقصى و ووصولها عبر حقب زمنية لاحقة الى بلادنا أو على مستوى تتبع أهم أنواع العود بأسماءها المعروفة مع تمييز تطور البناء الوتري لهذه الالة عبر العصور. قبل أن يختار ذ. رمضون الاشارة داخل هذا المنجز ذي الصبغة الأكاديمية الواضحة، الى الأساسيات العامة في عالم الموسيقى، مرورا بتقديم أوراق تدوينية للايقاعات والموازين الموسيقية المشرقية و المغربية على حد سواء داخل نفس المنجز. و لا ننسى أيضا أن ما راكمه مؤلف هذا الأخير من تجربة تربوية و أكاديمية كأستاذ لسنوات عديدة لمادة التربية الموسيقية و كاعلامي تفاعل عبر منابر صحفية متعددة مكتوبة كانت أو مسموعة مع الشأن الموسيقي عامة و عوالم الة العود بشكل خاص قد ظهر كمبرر موضوعي، جعل العواد ذ.رمضون يخصص حيزا مهما داخل كتابه للمهارات التربوية و العلمية الأصيلة الكفيلة بتحقيق تعلم عملي و حقيقي لفاءدة الراغبين في العزف على أوتار الة العود، عبر مقاربة بيداغوجية حرص من خلالها رمضون أن تراعي مبدأ التدرج و الانتقال بالمتعلم المقصود من البسيط الى المركب ومن السهل الى الصعب حسب تعبير المؤلف نفسه. في حين نجد أن هواجس التنقيب في المقامات الموسيقية قد حضر هو الاخر بقوة داخل هذا الكتاب البحثي،سواء من خلال تحليل لهذه المقامات التي تنطق بالموسيقى الشرقية أو المنتمية موسيقيا الى المغرب و الاندلس بروافدها الثقافية المعروفة، أساسا الامازيغية و الحسانية. مع تخصيص جزء مهم أيضا داخل صفحات نفس الكتاب لما يمكن اعتباره قاعدة بيانية توثيقية قدم من خلالها ذ.رمضون معلومات تقنية بخصوص عناوين المعاهد الموسيقية المنتشرة على صعيد التراب الوطني مع التعريف بأساتذة الة العود المشتغلين بها، قبل أن يختم ذ.رمضون هذه الرحلة الفكرية بالحديث عن بعض عوالم أسرار صناعة الة العود سواء المشرقي أو المغربي و أسماء بعض العوادين المغاربة في هذا المجال. و المثير للانتباه أن هذا الكتاب الصادر عن دار النشر سوماكرام بالدار البيضاء في طبعة أولى السنة الماضية، يعتبر عملا علميا بحثيا يدعو المهتمين بالموسيقى و بالة العود على وجه الخصوص لقراءة و تصفح ما فيه من معطيات تحليلية خاصة أن الزخم الوثائقي التدويني، حاضر فيه بقوة على أمل أن نرى برمجة لندوات قراءية بمشاركة باحثين و مختصين للكشف عن الاضافات العلمية التي جاء بها ذ. رمضون داخل هذا المنجز بما يخدم اشاعة ثقافة الاعتراف أولا، و ثانيا بما يساهم في تحفيز العموم على قراءة المؤلفات الموسيقية خصوصا وسط الجيل الحالي المتطلع لمعانقة عوالم الموسيقى اما هواية او ممارسة او احترافا.