أخبار متنوعةثقافةعمالة أكادير إداوتنانمجتمعوطني

الفنانة زورا تانيرت تُوقظ ذاكرة أكادير بأنغام تنبض بالحياة

تحولت قصبة أكادير أوفلا مساء الإثنين 13 يناير الجاري، في ليلة ساحرة من ليالي أكادير، إلى فضاء نابض بالمشاعر خلال احتفالية رأس السنة الأمازيغية، التي نظمتها جمعية تيميتار بشراكة مع بلدية أكادير. لم يكن الحفل مجرد مناسبة موسيقية عابرة، بل كان أشبه بطقس فني استثنائي، أحيَت فيه الفنانة زورا تانيرت ذكرى شهداء زلزال 1960 بأنغام حملت بين طياتها روح المكان وألمه وحنينه.

صوت زورا، العذب والعميق، انساب في أرجاء القصبة كنسيم دافئ يعبر أطلال التاريخ، فاختلطت ألحانها بإيقاعات أمازيغية أصيلة ممزوجة بروح موسيقية متجددة. لم تكن مجرد موسيقى تُعزف، بل رسائل صامتة تتسلل إلى الأعماق، تحيي ذكريات غائرة وتستحضر أرواحًا غادرت تحت أنقاض الزلزال. كانت نغماتها بمثابة لغة خفية تخاطب بها حجارة القصبة، لتعيد نبض الحياة في تفاصيلها المنسية.

وفي لحظة خالصة بالوفاء، قدّمت زورا تانيرت مقطعًا موسيقيًا مميزًا تكريمًا لروح الموسيقار الراحل عموري مبارك، رمز الأغنية الأمازيغية. لم يكن هذا الأداء مجرد تكريم فني، بل كان همسة حب وامتدادًا لرحلة استحضار الأرواح، حيث تلاقت أنغام زورا مع روح عموري، وكأنها تنسج خيوط تواصل بين الماضي والحاضر، بين من رحلوا ومن بقوا يحملون رسالتهم.

الأمسية لم تقتصر على زورا وحدها، فقد شارك الفنان علي شوهاد، قائد مجموعة أرشاش، بأغانيه ذات الرسائل العميقة، مُضفيًا بُعدًا إنسانيًا قويًا على الأجواء. كما أبهرت الفنانة عائشة تاشينويت الحضور بعروضها الاستعراضية التي بثت طاقة حيوية في المكان، في حين قدّمت فرقة تيسينت عروضًا موسيقية استحضرت التراث الأمازيغي بروح معاصرة.

تجاوب الجمهور بشكل لافت مع الأداء المتقن والعاطفي، حيث تمايلوا مع الألحان ورددوا الأغاني بحرارة، وكأن الموسيقى قد اخترقت حاجز الزمن لتُعيد رسم ملامح القصبة وتُنفض غبار المأساة عن ذاكرتها. بدت أكادير وكأنها تستعيد بريقها وسط الأضواء والأنغام، لتتحول السهرة إلى لحظة تعايش بين الحاضر والماضي.

لقد رسمت هذه الليلة لوحة فنية عميقة، امتزجت فيها الأحاسيس بين الألم والفرح، وبين الذكرى والحياة. أثبتت أن الفن ليس مجرد ترف أو وسيلة ترفيه، بل قوة قادرة على إعادة صياغة التاريخ وبعث الروح في الأمكنة والذكريات. كانت أمسية أكادير رسالة أمل بأن الحياة تستمر، وأن النغم أبلغ من الكلمات في تخليد الأرواح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?