أزمة الكوفية الفلسطينية: عميد كلية بنمسيك بين انتقادات الرميد وعصيد!
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، رفض عميد كلية بنمسيك بالدار البيضاء تسليم جائزة لطالبة بسبب ارتدائها لكوفية فلسطينية خلال حفل التخرج. الحادثة التي وقعت مؤخراً تسببت في موجة من الانتقادات والاستنكار في الأوساط الأكاديمية وعلى منصات التواصل الاجتماعي.
الطالبة، التي كانت تتوقع أن تكون لحظة استلامها للجائزة تتويجًا لجهودها الدراسية، فوجئت برفض العميد تسليمها الجائزة بحجة أن الكوفية تحمل دلالات سياسية. وأثار هذا الموقف تساؤلات حول حرية التعبير والرموز الثقافية والوطنية في الحرم الجامعي.
وقد عبرت الطالبة عن استيائها الشديد من تصرف العميد، مؤكدة أن الكوفية الفلسطينية تمثل بالنسبة لها رمزاً للنضال والصمود وليست بأي حال من الأحوال تعبيرًا عن موقف سياسي محدد. وأشارت إلى أنها ارتدت الكوفية تضامناً مع الشعب الفلسطيني، وأنها لم تتوقع أن يتسبب ذلك في حرمانها من جائزتها المستحقة.
من جهته، دافع العميد عن موقفه قائلاً إن الجامعات يجب أن تبقى محايدة وألا تكون مكاناً للتعبير عن أي مواقف سياسية. وأضاف أن قراره كان يهدف إلى الحفاظ على الجو الأكاديمي والتركيز على الإنجازات العلمية بعيداً عن أي تأثيرات خارجية.
في هذا السياق، أدلى المفكر والباحث الدكتور أحمد عصيد بتصريح لجريدة “سوس ماسة بريس” حول الحادثة، قائلاً: “يمكن النظر إلى هذه النازلة من طرفين مختلفين: منطق الطالبة التي اختارت أن تتضامن مع فلسطين بوضع الكوفية لحظة التخرج، ومنطق العميد الذي رأى في ذلك عدم التلاؤم مع السياق المؤسساتي الذي يفرض لباساً معيناً يوحد جميع الطلبة المتخرجين بدون أية رموز سياسية إضافية. لهذا فأنا أجد في سلوك الطرفين معاً نوعاً من الراديكالية غير المبررة”.
من جانبه، عبر وزير العدل السابق في حزب العدالة والتنمية المصطفى الرميد عن رأيه في تدوينة على فيسبوك قائلاً: “إذا صح أن عميدًا بكلية مغربية رفض توشيح طالبة لأنها تحمل الكوفية الفلسطينية، فهو جبان لا يستحق العمادة، ومتجرد من الإنسانية لا يستحق الاحترام… أرجو أن لا يكون الخبر صحيحًا”. هذا التصريح جاء في ظل انتقادات وجهت للرميد نفسه، حيث اتهمه البعض بالجبن أثناء اتفاق حكومة سعد الدين العثماني على التطبيع مع الكيان، مشيرين إلى أنه كان من أشد المدافعين عن الحكومة في تلك الفترة.
إلا أن هذه التبريرات والتصريحات لم تكن كافية لتهدئة الغضب العارم، حيث اعتبر العديد من الطلاب والأساتذة أن ما حدث يعد تعدياً على حرية التعبير وانتهاكاً لحقوق الطالبة. وأطلق العديد منهم حملات دعم على وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين بضرورة مراجعة القوانين الجامعية المتعلقة بحرية التعبير واحترام التنوع الثقافي.
تجدر الإشارة إلى أن الكوفية الفلسطينية تعد رمزاً ثقافياً وتاريخياً يعبر عن الهوية والنضال الفلسطيني، وقد أصبحت رمزًا عالميًا للتضامن مع القضية الفلسطينية. وفي هذا السياق، يرى البعض أن قرار العميد يعد تعسفياً ولا يراعي الأبعاد الثقافية والاجتماعية للرموز التي يحملها الطلاب.
الجدل حول هذه الحادثة لم يتوقف عند حدود الحرم الجامعي، بل امتد ليشمل مناقشات أوسع حول حرية التعبير ودور المؤسسات التعليمية في تعزيزها أو تقييدها. ومع تزايد الدعوات لمراجعة هذه السياسات، يبقى السؤال مطروحاً حول كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على الجو الأكاديمي واحترام حقوق الأفراد في التعبير عن هويتهم وثقافتهم.