أخبار متنوعةأراءثقافةمجتمعوطني

بيان للحفاظ على روح قلعة الشيخ ماء العينين في السمارة

بقلم د. ماء العينين فؤاد مصطفى

تُعتبر قلعة الشيخ ماء العينين في السمارة، والمعروفة عمومًا بالزاوية، مختلفة عن جميع الزوايا في المغرب وخارجه، حيث تتميز بروحها الفريدة والخاصة التي تجمع بين الروحانية والمقاومة، العلم والمعرفة، مع الحداثة المعمارية.
ففي حين أن معظم الزوايا تُبنى فوق أضرحة، فإن زاوية السمارة بُنيت على نحو مختلف…

زاوية السمارة هي أكثر من مجرد قلعة، فهي تحكي قصة تاريخها الخاص وتاريخ مؤسسها. فبناؤها وموقعها الجغرافي محاطان بالكثير من الألغاز الروحية والمعمارية، وكانت مهدًا للثقافة، حيث استقبلت آلاف الطلاب الباحثين عن المعرفة، وكانت شاهدة على أكبر تجمع لزعماء القبائل لمدة شهرين، خُصص لدراسة طرق مواجهة الاستعمار (مؤتمر غزي لركاب) في 1906/1907. كما استقبلت وفودًا ضمت أكثر من مئتي شخص، جاؤوا حتى من أزواد بمالي.

كانت أول صرح في كل الصحراء المغربية شيده رجل ذو رؤية عظيمة، وقاومت هجمات المدرعات بقيادة الكولونيل موريت عام 1913، وقصفتها الطائرات خلال عملية “إكوفيون” عام 1958، ورغم مرور الزمن، ظلت القلعة شامخة دون أن يمسها الاندثار.

حاليًا، يجري الحديث عن الترميم، ولكن هل هو في الواقع تدمير يخفي هويته؟؟ ؟ لأن إعادة بناء الجدران تؤدي إلى طمس روحها، وإخفاء تاريخها المجيد، وهذا يعني أيضًا إخفاء هويتها المتفردة، ألم يكن من الأجدر الحفاظ على أسوار المسجد القديم كشاهد على عدوان الاستعمار على أماكن العبادة؟

الترميم يعني أولاً وقبل كل شيء الحفاظ على تاريخ البشرية، وتاريخ الشيخ ماء العينين وتلامذته.
الترميم هو إبراز بعد نظر السلطان مولاي عبد العزيز والشيخ ماء العينين، اللذين استشرفا شرعية قضيتنا الوطنية الأولى.
الترميم هو إبراز التضام المغربي وفن “المعلمين” وفن العمارة المغربي.
الترميم يعني تسليط الضوء على العبقرية المدنية التي مكنت من نقل المواد من الشمال إلى الجنوب بحرًا وبرًا من طرفاية إلى السمارة.

الترميم هو تسليط الضوء على لغز نزوح الشيخ ماء العينين وتلامذته نحو الشمال للمساهمة في الكفاح ضد الاستعمار.
الترميم يعني الحفاظ على القلعة في حالتها الحالية وحمايتها كشاهد تاريخي وثقافي على تراثنا الوطني والدولي.
الترميم يعني تزيين القلعة بإضاءة مبهرة، وتحسين محيطها لإبراز جمالها.

الترميم يعني تنظيم رحلات ثقافية وعلمية للباحثين وطلاب الجامعات المغربية، للتصالح مع تاريخهم.
وأخيرًا، الترميم هو إبراز وحدة المملكة المغربية التي لا تقبل القسمة.

ويكفي أن ننظر إلى مثال ترميم حصن ألامو في تكساس، حيث تم الترميم مع الحفاظ على بقايا الكنيسة سليمة، مع توثيق تاريخ مقاومتها ضد المحتل.

قلعة الشيخ ماء العينين ليست مجرد بناء عادي نرغب في ترميمه بأي ثمن؛ إنها روح كاملة مستوحاة من الصوفية، والثقافة، والمقاومة التي يجب الحفاظ عليها.

آمل أن يجد هذا المانيفستو الحل لهذه المأساة، التي نحن أيضًا جزء من أسبابها، سواء عن طريق الخطأ أو الجهل.
يجب أن نصرخ بصوت عالٍ لمن يريد السماع : توقفوا عن هذا الجرم الروحي والثقافي، سواء كان عن قصد أو عن جهل.

قلعة الشيخ ماء العينين هي أثر تاريخي ورمز كبير للوحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?