إقليم طاطاثقافةمجتمعوطني

ثمانية عقود من العطاء الشعري.. أحمد أومالك رمز أحواش بواحات باني

زين الدين بواح // سوس ماسة بريس

ارتبط أحمد وعباش، المعروف باسم أحمد أومالك، منذ طفولته بفن أحواش الذي شكل جزءا أساسيا من حياته اليومية. فقد وُلد سنة 1942 بدوار تنزيضة بواحات باني، وفي سن صغيرة كان يغادر الكُتاب مسرعا ليلتحق بساحة “أسايس”، حيث يلتقي الناس ويحتفي الشعراء بالكلمة الموزونة والإيقاع الجماعي الذي يميز هذا الفن الأصيل. هناك تفتحت موهبته، وهناك بدأت أولى خطواته نحو مسار شعري طويل.

مع بداية ثمانينيات القرن الماضي، أصبح أحمد أومالك واحدا من أبرز شعراء “أسايس” بالمنطقة، واشتهر بقدرته على النظم السريع وحضوره القوي في الساحات، فخاض مبارزات شعرية عديدة مع شعراء من داخل المنطقة وخارجها، وتميز بمكانة خاصة كفارس للكلمة، لا يتراجع ولا يتردد حين يتعلق الأمر بالمواجهة الشعرية. لقد جعل من قصائده وسيلة للحوار والتواصل والتعبير عن الذاكرة الجماعية، فصار اسمه مرتبطا بقوة الكلمة وصلابتها.

ورغم تقدمه في السن، ما يزال أحمد أومالك محافظا على حضوره في “أسايس”. ففي الرابعة والثمانين من عمره، يواصل نظم الشعر وإلقاءه أمام الجمهور بنفس الحماس الذي رافقه منذ شبابه، محتفظا بصفاء الذهن وقوة الأداء، ليبقى شاهدا على أن الشعر لا يشيخ وأن الكلمة الصادقة تبقى حية ما دام أصحابها أوفياء لها. وظل على الدوام حارسا لتنضامت بواحات باني، محافظا على قيمتها كذاكرة حية وثقافة أصيلة.

هذا المسار الغني لم يمر دون تقدير واعتراف. فقد حصل أحمد أومالك على تكريمات عديدة، كان أولها من **جمعية السلام للمحافظة على التراث** سنة 2014 بدوار أكادير – جماعة تيسينت، خلال الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، وهو تكريم جسد اعترافا بجهوده في صون الموروث المحلي. وفي يوليوز 2025، نال تكريما مميزا من إدارة **المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمدينة مراكش**، ليحظى باعتراف وطني يليق بمكانته كشاعر كبير. كما حظي بتكريمات أخرى من جمعيات وفعاليات ثقافية مختلفة، أكدت جميعها أن مساره يمثل إضافة نوعية للثقافة الشعبية المغربية.

إن سيرة أحمد أومالك تعكس ارتباط الإنسان بالأرض والهوية والذاكرة، وتجسد كيف يمكن للكلمة أن تتحول إلى جسر بين الأجيال. فهو اليوم ليس فقط شاعرا متميزا، بل رمزا من رموز أحواش وأحد الوجوه البارزة التي ساهمت في حماية التراث الأمازيغي من الاندثار، وتأكيد حضوره كجزء أساسي من الثقافة المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?