إقليم تيزنيتمجتمع

جريمة في قلب الطبيعة: من يقف وراء تلويث مياه الشرب بجثث الدواجن؟

 

في سابقة خطيرة تهز الضمير الجمعي وتضع علامات استفهام كبرى حول واقعنا البيئي، تم مؤخرًا اكتشاف بئر مائية ملوثة بجثث دجاج نافق في منطقة تابعة لجماعة سيدي احساين أوعلي بإقليم سيدي إفني. هذا الحدث ليس مجرد عمل طائش، بل سلوك غير مسؤول يُرقى إلى مستوى الجريمة البيئية.

 

من المؤسف أن يتم التعامل مع الموارد الطبيعية، خصوصًا الماء، بهذه القسوة واللامبالاة. فالماء في هذه المناطق الجافة ليس ترفًا، بل ضرورة قصوى تعتمد عليه الأسر في الشرب والري وتربية الماشية. تلويثه بهذه الطريقة، عن قصد أو جهل، هو حكم بالموت البطيء على السكان والتربة والمحاصيل.

 

ما حدث يعكس ضعفًا واضحًا في منظومة تدبير النفايات الحيوانية، وانعدام أي مراقبة فعلية على سلوكيات خطيرة قد تهدد الصحة العامة. الدواجن النافقة، والتي قد تكون مصابة بأمراض معدية، تتحول عند التخلص منها بشكل غير سليم إلى قنابل موقوتة بيولوجيًا. فهل ننتظر ظهور حالات تسمم جماعي أو تفشي أمراض حتى نتحرك؟

 

الأدهى أن هذا الفعل لم يُكتشف عن طريق مراقبة دورية، بل صُدم به المواطنون صدفة. فأين هي أجهزة المراقبة؟ وأين دور الجماعات المحلية والسلطات الصحية والبيئية؟ وإذا لم تتم محاسبة المتورطين، فإن الرسالة ستكون واضحة: يمكن تلويث البيئة دون عواقب.

 

ما نحتاجه اليوم ليس فقط التدخل التقني لتطهير البئر وإجراء تحاليل، بل إعلان حالة طوارئ بيئية محلية، وإطلاق حملات توعية وتكوين للفلاحين حول طرق التخلص الآمن من الحيوانات النافقة، مع اعتماد آليات للمراقبة الفعلية وتشديد العقوبات في حالة الإهمال أو التجاوز.

 

لنحمِ ما تبقى من مواردنا. فالأرض التي نعيش عليها ليست ملكًا لجيل بعينه، بل أمانة للأجيال القادمة. ولنبدأ بالماء… فهو الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?