سالمة رمال: أنشودة الصحراء الحية ورائدة الأغنية الحسانية
في حضن الصحراء، حيث تعانق الرمال وهج الشمس، ولدت سالمة رمال كزهرة برية تنبض بالحياة. من هناك، من عوالم الصمت والريح، استمدت صوتها، صوتًا ينساب كجدول في وادي التراث الحساني، يحكي للأجيال عن مجد الأرض وعراقة الأجداد.
سالمة، تلك الشاعرة بالألحان، لم تكن مجرد فنانة تنشد كلمات أو تصوغ ألحانًا، بل كانت روحًا حرة تُنير أفق الأغنية الحسانية. جمعت بين الجذور العميقة في التقاليد، والأجنحة التي ترفرف في فضاء التجديد. من كلماتها، ومن نغماتها، تُولد الأغاني كأنها قصائد تُغنى برقة الضوء وسر الصحراء.
من قبيلة آيت أوسى، حيث تحتضن التقاليد هامات النخيل، حملت سالمة عبق الطفولة والهوية. صقلت موهبتها بالعلم، فجمعت بين أصالة التراث ومعرفة الحاضر. إجازتان في الأدب والصحافة كانتا دليلًا على شغفها بالمعرفة، وإصرارها على أن تكون همزة وصل بين الماضي والحاضر.
في ألبومها الأول، فتحت أبواب القلب على اتساعها، فكانت أغانيها لوحة فنية تمزج بين إيقاعات الصحراء وحلم الأفق الجديد. خمس أغنيات أزهرت على وقع الطبول والناي، وحملتها رياح الجنوب إلى آذان عشاق الموسيقى الحسانية. كانت “رمال” اسمًا يحمل في طياته حكاية، يشبهها ويشبه موطنها، حيث البساطة والعمق يجتمعان.
في موسيقاها، يتردد صدى الصحراء بكل تناقضاتها، حيث السكون يعانق العاصفة، وحيث الأرض تغني عشقها للمطر. استطاعت سالمة أن تحافظ على روح الأغنية الحسانية، لكنها ألبستها ثوبًا عصريًا يُغري الأجيال الشابة ويُعيد وصلها بجذورها.
ولم تكن رحلتها الفنية وحدها؛ فقد غاصت في عوالم الإذاعة، تعد البرامج وتقدمها بحب، تنثر من خلالها درر الثقافة الحسانية على مسامع مستمعيها. كانت كلماتها، كما أغانيها، مرآة عاكسة لجمال الصحراء وثراء تراثها.
سالمة رمال، نجمة الصحراء اللامعة، حملت رسالة الأغنية الحسانية إلى العالم. أغانيها ليست مجرد كلمات وألحان، بل هي أنفاس الأرض ونبض التراب. في كل صوت منها، نجد قصة وحكاية، وفي كل لحن، نسمع نشيد الرياح وأغنية الرمال.