
لا ادري ما الذي يجعل مجرد مراسلة تثير كل هذا اللغط مع اني أراها بئيسة ـ وإن كانت تعبر عن وجهة نظر موجودة ولها سوابق ـ .
نحن نتحدث عن مؤسسة مدنية يرأسها صديق “إبن تمازيرت ” قام قبل قرابة عشر سنوات بزيارة إلى اسرائيل لابسا الدراعة الصحراوية وهو يستقبل من أجهزة اسرائيل . كان ذلك سنوات قبل اعلان إعادة العلاقات مع اسرائيل .
و بعدها زرت انا فلسطين و ألبست الدراعة لوزير الثقافة مباشرة من تلفزيون فلسطين في سابقة لم يقم بها اي دبلوماسي على الاراضي الفلسطينية.
اتصلت به يومها و ضحكنا وانا اقول له لقد ذهبت بدراعتي لأمسح ما إقترفته بزيارتك لإسرائيل ههههه
بعدها نفس الصديق يساهم في اصدار عدد من مجلة ، هو عضو هيئة تحريرها عنونها ب: “المغرب مملكة اسرائيل “. ولأنني اطلعت على العدد بكل تفاصيله ، تبين لي ان محتوى المجلة في غالبيته يسرد وقائق و يعرض معطيات للتواجد اليهودي بالمغرب ، وهي ديانة غالبية الأمازيغ السكان الاصليين قبل دخول الإسلام . حيث أصبح الأمازيغ اكثر تدينا من بعض العرب انفسهم .
لكن بنفس اسلوبه مع فريق هيئة التحرير ،كانوا في حاجة لذلك العنوان ليخلقوا به “البوز”, اكثر من البحث عن المبيعات .
وكان اول من سقطوا في الفخ الاخ ويحمان الذي في كل لقاء يذكر المشاهدين بهذا العنوان الذي يبرز الاختراق الصهيوني للمغرب ، غير انه ـكما اعرفه ـ يدرك جيدا ان هجومه على هذا العنوان أشبه بكاتب العنوان نفسه ، لأنه بتزعمه التصدي للمجلة يكون قد زاد من شعبيته من الجهة الداعمة !!
وما يزيد يقيني بذلك ،انني كنت مسؤول سكرتارية بيلماون الكرنفال الدولي لأكادير ،و الذي يزعم فيه صديقي ويحمان اننا ـ وهو يقصد اخنوش ـ نروج للماسونية ،واننا نصبنا في الكرنفال ملك الشذوذ الجنسي ،وهو يستعرض لوحة من الكرنفال يحاكي صاحبها الموكب الملكي !!!
وإذا كان يقرأ هذه السطور سيفهم انني لم ولم اكن يوما من انصار قوس قزح ولو من باب الحريات الشخصية .
وبالعودة الى المراسلة، فاليوم كان من الممكن ان يتقدم صديقي المناصر لليهودية بطلب اطلاق اسماء شخصيات مغربية من أصول يهودية على الأزقة والشوارع باكادير ، وهذا ايضا أراه عاديا ، كيف لا وساكنة أكادير انتخبت في سنوات سابقة رئيس الطائفة اليهودية بالمغرب السيد “ليفي” وهزم في دائرة “بيكران”, (الحي المحمدي حاليا), الرئيس التاريخي لأكادير ابراهيم الراضي رحمة الله عليه . بل اصبح نائبا برامانيا ممثلا للمدينة .
لكن صديقي لا يبدو ان نيته هو اطلاق اسماء يهود مغاربة على الشوارع ،لانه يدرك ان التعايش الذي يعرفه المغرب لا مكان فيه للتمييز بسبب الديانة . بل إن غايته هو العودة إلى الواجهة عبر بوابة هذه المراسلة البئيسة.
إن وجه البؤس فيها هو تعمده مع سبق الاصرار و الترصد طرح اسماء لتحل محل إسمين لهما رمزيتهما في ذاكرة المغاربة و ينتميان الى حزبين وطنيين اللذان كتبا تاريخ المقاومة و مغرب ما بعد الإستقلال بمداد الدماء و التضحيات.
فإقتراح تغيير اسم عبد الرحيم بوعبيد و علال الفاسي هو ضرب من المستحيل ،لكنه يبحث بهذا المقترح عن “البوز”, و يعرف ان اقرب طريق لذلك ان يستفز الحزبين و معهما شريحة كبيرة من المغاربة .
ربما في ولاية العدالة و التنمية قاموا بجريمة تغيير اسم شارع الشيخ ماءالعينين بحي الخيام بإسم الوزاني ، و كانت معركة خضتها لوحدي في وقت لزمت فيه كل الاحزاب و حتى القبائل و الجمعيات الصمت ، وحتى الحزب الذي انتمي اليه لازيد من 36 سنة ،بإستثناء تضامن شفاهي من اسماء هنا وهناك .
إذا المراسلة ليست سوى حركة استفزازية من صديق منسجم مع قناعاته في فضاء مغربي يتسع لكل الآراء ، وانا واثق ان المعني بالمقترح لا يجرأ ان يتقدم بمثله بمسقط رأسه ، حيث سيلقى ما سيلقاه.
ولكنه اختار أكادير حيث رئيس الجماعة هو نفسه رئيس الحكومة و هذا سيزيد من شعبيته عند أولياء نعمته من مناصري إختراق المجتمع المغربي.
في أكادير هناك اصدقاء مهتمون بالتراث اليهودي المغربي ،وهذا امر انا تحمست له دون ان يكون ضمن مخططات الصهيونية ،بل في إطار التعددية الهوياتية للشخصية المغربية .
وسنين طويلة و اليهود المغاربة يتعايشون معنا سواء ممن هم بيننا او من يزوروننا في العطل و المناسبات الدينية اليهودية ، و المغرب ملكا وحكومة و شعبا يقومون بذلك انساجما مع تاريخ بلادنا و رصيد علاقاتنا المجتمعية المبنية على التعايش و السلم و المحبة .
واقول للاصدقاء ، إن تجاهل الرسالة هو خير رد عليها ،وكل ترويج لها هو من صلب مخطط من اقترفت يداه تلك المراسلة ، لانه بكل بساطة يريد منا ان نغضب و ان نرد و ان نصدر البيانات حتى يعلو شأنه و تزداد شعبيته و ترضى عنه الجهات الداعمة.
دعكم من صديقي ـ وبالمناسبة إسمه عبد الله “, وهو من أسرة فقه و مالكية و صوفية ، و هو يتحرك في مساحة من الحرية التي يمنحها لنا مغرب اليوم ، و نحن واثقون اننا محصنون من هذه الحملات و الخطوات و المآمرات .
لا تحملوا الأمر ما لا يحتمل ،
وسي عبد الله ، الله يهديه على راسو .