يعد التحكيم من العناصر الأساسية في نجاح أو فشل أي بطولة رياضية. وفي هذا الموسم من البطولة الوطنية للنخبة القسم الأول، أصبح التحكيم نقطة سوداء تثير انتقادات واسعة من الجماهير والمهتمين بالشأن الرياضي.
رهان الشباب والتحول في السياسة التحكيمية
شهدت بداية هذا الموسم تغييرات جذرية في سياسة المديرية الوطنية للتحكيم، حيث تم الدفع بحكام شباب في محاولة لتجنب القيل والقال الذي لطالما أثار احتجاجات الفرق في المواسم السابقة. إضافة إلى ذلك، كانت هذه الخطوة جزءا من خطة لتكوين جيل جديد من الحكام ليكونوا الخلف للحكام الدوليين والوطنيين ذوي الخبرة.
ورغم حسن النية وراء هذه الخطوة، فإن النتائج جاءت مخيبة للآمال. فالجيل الجديد من الحكام أظهر ضعفا واضحا، ما جعل الكثيرين يتساءلون عن جودة التكوين الذي يتلقونه. وقد أدى الاعتماد عليهم إلى تكرار أخطاء تحكيمية كارثية أثرت بشكل مباشر على نتائج المباريات، مما أثار غضب الفرق والجماهير على حد سواء.
إقصاء الحكام ذوي الخبرة في بداية الدوري خطوة غير محسوبة
إحدى أكبر الملاحظات التي أثارت الجدل هذا الموسم هي إقصاء حكام ذوي خبرة وكفاءة عالية. هؤلاء الحكام الدوليون والوطنيون كانوا يتمتعون بتجربة كبيرة مكنتهم من التعامل مع المباريات بحنكة وذكاء، حتى مع الضغوط الكبيرة.
ومع ذلك، اختارت المديريةالجديدة تهميشهم، مبررة ذلك برغبتها في تجنب بعض الأخطاء التقنية العفوية التي قد يقع فيها الحكام ذوو التجربة. لكن النتيجة كانت عكسية تماما، حيث لم يطرأ أي تحسن على مستوى التحكيم، بل ازدادت احتجاجات الفرق على القرارات التحكيمية.
تصاعد الاحتجاجات وغياب الحلول
في كل دورة من دورات البطولة، نجد فرقا تحتج على قرارات الحكام، موجهة انتقادات لاذعة إلى كل من المديرية الوطنية للتحكيم واللجنة المعنية. وصلت هذه الاحتجاجات إلى حد توجيه اللوم لرئيس العصبة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، الذي يواجه صعوبات في احتواء هذا الغضب المتزايد.
الأمر لم يعد يقتصر على أخطاء فردية للحكام، بل تحول إلى أزمة هيكلية تشير إلى خلل عميق في نظام التحكيم بأكمله. يتساءل الكثيرون. هل المشكلة في نقص التكوين أم في سوء الاختيار.
بعض الحلول الممكنة.
لمعالجة هذه الأزمة، يجب اتخاذ خطوات عاجلة وشاملة، منها:
_ إعادة النظر في سياسة الاعتماد على الحكام الشباب. من الضروري المزج بين الخبرة والشباب لضمان انتقال سلس لجيل جديد دون التأثير على جودة التحكيم.
_تحسين برامج التكوين .يجب الاستثمار في تكوين الحكام الشباب من خلال ورش تدريبية مكثفة تحت إشراف حكام دوليين ذوي خبرة.
_ استخدام تقنية الفيديو بشكل أفضل: تقنية VAR قد تساعد في تقليل الأخطاء التحكيمية، لكنها تحتاج إلى كفاءة الحكام لتفعيلها بشكل صحيح.
_ إنشاء لجنة مستقلة لتقييم الأداء. لجنة محايدة تقوم بمراجعة أداء الحكام بعد كل جولة واتخاذ إجراءات تصحيحية عند الضرورة
يبقى التحكيم العمود الفقري لأي بطولة رياضية. إذا استمرت الأزمة الحالية، فقد تتضرر سمعة البطولة الوطنية وتفقد جماهيريتها. لذا، على الجهات المسؤولة أن تتحمل مسؤولياتها وتعمل على إعادة الثقة في التحكيم المغربي من خلال إصلاحات جذرية تعيد التوازن والعدالة إلى الملاعب. بقلم : محمد وعراب