قرار عامل إقليم طاطا : نحو تدبير صارم للموارد المائية والحد من الزراعات المستنزفة
في خطوة تروم تعزيز حوكمة الموارد المائية والتعامل بجدية مع التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية، أصدر عامل إقليم طاطا قرارًا عامليًا جديدًا يهدف إلى تقوية آليات تدبير الملك العام المائي عقب الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة خلال شتنبر الماضي. ورغم ما حققته التساقطات الأخيرة من تحسن نسبي في مخزون المياه الجوفية، فقد شدّد القرار على ضرورة توظيف هذه الموارد بحكمة، وفي مقدمة الأولويات توفير مياه الشرب للسكان.
يأتي هذا القرار، الذي يحمل رقم 259، استكمالاً للإجراءات السابقة الواردة في قرارات عامليّة سابقة (224/2022، 19/2024، 178/2024)، ليؤكد استمرار نهج الحزم في إدارة الثروة المائية. ومن أبرز ما تضمنه القرار، الامتناع عن منح تراخيص جديدة لحفر الآبار أو استقدام المياه في المناطق السقوية الحديثة، مع استثناء الحالات التعويضية التي تخضع لمعاينات ميدانية دقيقة تلتزم بصبيب محدد مسبقاً.
وفي إطار تفعيل هذه الرؤية المتشددة، ألزم القرار الجماعات السلالية بتوجيه الأراضي الموزعة لأعضائها نحو الاستثمار الفلاحي المنصوص عليه في المبادرة الملكية “مليون هكتار للاستثمار الفلاحي”. كما حظر صراحةً زراعة المنتجات الزراعية ذات الاحتياجات المائية المفرطة، كالبطيخ الأحمر والأصفر، مقابل الإبقاء على زراعة الحبوب والقطاني التي تعد أقل استنزافاً للمياه.
لم تغفل المقتضيات الجديدة الجانب التوعوي، إذ دعا القرار مختلف الأطراف المعنية، بما فيها الشركة الجهوية متعددة الخدمات ووكالة الحوض المائي لدرعة واد نون، فضلاً عن المديريات الإقليمية للتجهيز والماء والفلاحة، إلى إطلاق حملات شاملة لترشيد استهلاك المياه، مع تكليف السلطات المحلية والأمنية والدرك الملكي والقوات المساعدة بمتابعة تنفيذ هذه التوجيهات ميدانياً.
ويستند هذا القرار إلى توصيات اللجنة الإقليمية للماء خلال اجتماعها المنعقد في 24 أكتوبر الماضي، ويأتي ضمن مساعٍ أوسع لمواجهة آثار الجفاف الذي ضرب الإقليم منذ مارس 2021، وتركت سنواته المتتابعة حالة من الإجهاد المائي. كما يهدف هذا النهج الصارم في تدبير المياه إلى صد محاولات بعض اللوبيات الرامية لاستئناف الزراعات المائية المستنزفة، مستفيدة من تحسن الموارد المائية، الأمر الذي يعكس حرص السلطات على تأمين الموارد الحيوية للأجيال الحالية والمقبلة وضمان استدامة التنمية في الإقليم.